«نيويورك تايمز»: جامعة هارفارد تمهد الطريق لمقاومة التدخلات الحكومية في التعليم العالي

«نيويورك تايمز»: جامعة هارفارد تمهد الطريق لمقاومة التدخلات الحكومية في التعليم العالي
جامعة هارفارد

في خطوة حاسمة، رفضت جامعة هارفارد يوم الاثنين الماضي، الخضوع لضغوط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي كانت تسعى للسيطرة على نظام التعليم العالي في الولايات المتحدة، وأكد رئيس الجامعة، آلان غاربر، في رسالة عامة موقفه الرافض للتدخلات الحكومية في العملية التعليمية، مشددًا على أهمية الحفاظ على استقلالية الجامعات في اختيار المناهج الدراسية، وقبول الطلاب، وتوظيف الأساتذة، دون تدخل من الحكومة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأربعاء، أشار غاربر إلى أن التعدي على حرية الجامعات سيقوض المبادئ الأساسية لأي مؤسسة أكاديمية تهدف إلى سعي المعرفة والبحث العلمي، بهذه الرسالة الواضحة، أصبحت جامعة هارفارد أول جامعة تقاوم بشكل رسمي محاولات الحكومة التدخل في الشؤون الأكاديمية.

ويعد هذا الموقف خطوة هامة نحو تصعيد المقاومة ضد سياسة ترامب، ويأمل الأكاديميون أن يتبعه آخرون من المؤسسات التعليمية في البلاد.

مواقف أخرى من الجامعات

لم تكن جامعة هارفارد الوحيدة التي اتخذت موقفًا صلبًا ضد الضغوط الحكومية، إذ أكدت جامعة برينستون وجامعة ويسليان أيضًا دعمها لموقف هارفارد، وقال رئيس جامعة ويسليان، مايكل روث، في تصريحات صحفية إن "عدم إعلان موقفنا سيؤدي إلى تفاقم الوضع بشكل أسرع وأكثر سوءًا"، وأضاف أن هذه الضغوط تمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل التعليم الأكاديمي في الولايات المتحدة.

وفي المقابل، وجدت بعض الجامعات نفسها مضطرة للرضوخ لضغوط الحكومة، فقد أذعنت جامعة كولومبيا لمطالب إدارة ترامب على أمل حماية تمويلها الفيدرالي الذي يصل إلى 400 مليون دولار، وقد أثار هذا التنازل انتقادات من قادة أكاديميين، الذين يرون أن التفاوض مع الحكومة لن يحل المشكلة بل سيزيد من تعقيدها.

الخسائر المحتملة في حال الرضوخ

تتعرض الجامعات الأمريكية، بما في ذلك جامعة هارفارد، لخطر فقدان التمويل الفيدرالي، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير في برامج الأبحاث في المجالات الحيوية مثل الطب والعلوم.

على سبيل المثال، تواجه جامعة بنسلفانيا خسارة قدرها 175 مليون دولار من التمويل الفيدرالي، ما يعرض أبحاثًا في مجالات مثل الوقاية من الأسلحة الكيميائية والأبحاث حول العدوى المكتسبة من المستشفيات للخطر.

إلغاء سياسات التنوع والمساواة

من ناحية أخرى، تركز حملة ترامب على تقليص ما يُسمى "التنوع الإيجابي"، وهو مفهوم يهدف إلى زيادة تمثيل الأقليات في المؤسسات الأكاديمية، وقد وضعت الإدارة قائمة طويلة من المطالب، منها إلغاء سياسات التنوع والمساواة في التوظيف والقبول، وإجراء تدقيق لضمان "تنوع وجهات النظر" في المواد الدراسية.

وقد يُنظر إلى هذه التوجيهات على أنها محاولة لتقليص الحريات الأكاديمية، وقد تجبر الجامعات على مراقبة محتوى المناهج الدراسية بشكل مفرط.

مواجهة القمع الأكاديمي

تعكس هذه المواجهة بين الجامعات والحكومة تهديدًا حقيقيًا للحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة، إذ يشير بعض الأكاديميين إلى أن حملة إدارة ترامب قد تكون أكبر تهديد للتعليم العالي منذ فترة الخوف الأحمر في خمسينيات القرن الماضي.

وفي هذا السياق، قال كريستوفر آيزجروبر من جامعة برينستون، إن الهجوم الحالي على التعليم العالي يُعد أخطر ما واجهته الجامعات الأمريكية خلال الحقبة المكارثية.

المستقبل المجهول للتعليم العالي

تُثير هذه الأزمة أسئلة حاسمة حول مستقبل التعليم العالي في أمريكا، فإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن الجامعات قد تُجبر على التنازل عن استقلالها الأكاديمي، ما يؤدي إلى تغييرات جذرية في المناهج والتوجهات الأكاديمية، وقد يكون من الضروري أن تختار المؤسسات التعليمية بين الحفاظ على تمويلها الفيدرالي أو الحفاظ على حرية الأكاديمية، وهو خيار يراه العديد من القادة الأكاديميين صعبًا للغاية.

تمهيد الطريق لمقاومة

لا شك أن جامعة هارفارد قد مهدت الطريق لمقاومة التدخلات الحكومية في التعليم العالي، وأن موقفها الرافض للتعدي على الحرية الأكاديمية يعكس أهمية الحفاظ على استقلال الجامعات، وقد تكون هذه المعركة بداية لمرحلة جديدة في تاريخ التعليم العالي في الولايات المتحدة، حيث سيتعين على المؤسسات الأكاديمية اتخاذ قرارات حاسمة حول كيفية الحفاظ على حرياتها الأكاديمية في وجه الضغوط السياسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية